وَلم يقل: غدورين.
وقوله. وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ (19) وفي قراءة عبد الله: سكرة الحق بالموت [1] ، فإن شئت أردت (بالحق) أَنَّهُ اللَّه عزَّ وجلَّ، وإن شئت جعلت السكرة هِيَ الموت، أضفتها إلى نفسها كأنك قلت: جاءت السكرة الحقّ بالموت، وقوله: «سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ» يَقُولُ: بالحق الذي قَدْ كَانَ غير متبين لهم من أمر [2] الآخرة، ويكون الحق هُوَ الموت، أي جاءت سكرة الموت بحقيقة الموت.
وقوله: فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) .
يَقُولُ: قَدْ كنت تُكذب، فأنت اليوم عالم نافذ البصر، والبصر هاهنا: هو العلم ليس بالعين.
[182/ ا] وقوله: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) .
العرب تأمر الواحد والقوم بما يؤمر بِهِ الاثنان، فيقولون للرجل: قوما عنا، وسمعت بعضهم:
ويحكَ! ارحلاها وازجراها [3] ، وأنشدني بعضهم:
فقلت لصاحبي لا تحبسانا [4] ... بنزع أصوله، واجتزَّ [5] شيحا «6»
قَالَ: ويروى: واجدزّ [7] يريد: واجتز، قَالَ: وأنشدني أَبُو ثروان:
وإن تزجراني يا ابْنُ عفان أنزجر ... وإن تدعاني أَحْمِ عرضًا ممنَّعًا «8»
ونرى أن ذَلِكَ منهم أن الرجل أدنى أعوانه فِي إبله وغنمه اثنان، وكذلك الرِّفقة، أدنى ما يكونون [9] ثلاثة، فجرى كلام الواحد عَلَى [10] صاحبيه، ألا ترى الشعراء أكثر شيء قيلا:
يا صاحبىّ، يا خليلى، فقال امرؤ القيس: [1] انظر تفسير الطبري 26/ 91 وقد وردت خطأ فى الطبري حيث قال: قراءة عبد الله بن مسعود «وجاءت سكرة الموت بالحق» ، وليست كذلك وإنما هى سكرة الحق بالموت والمحتسب: 2/ 283. [2] سقط فى ح. [3] أوردها القرطبي فى تفسيره: ويلك ارحلاها وازجراها. (تفسير القرطبي 17/ 16) . [4] ش: لا تحسبانا. [5] فى ح: واحتز.
(6) فى ا، ش: شيخا. [7] وهى كذلك فى ش.
(8) يروى: فإن. انظر تفسير القرطبي 17/ 16، والمخصص 2: 5 [.....] [9] فى ب: ما يكون. [10] فى ش: عن، تحريف.